ذهاب و عودة


ذهاب و عودة


تمتد يدى داخل جيبى لتلتقط عبلة السجائر ... اضع احدى السجائر فى فمى ... اشعل السيجارة و اعيد الولاعة الى جيبى مرة اخرى ... اتلفت حولى لاجد السكون يعم الارجاء كلها ... ان المسير فى نفس الطريق مرتين يمنحك القدرة على التقاط التفاصيل ... و لكن هل تغير شكل الطريق عن المرة الاولى ... ربما و لكن هل يتغير شكل الطريق فى ساعات قليلة ... لا اعتقد و لكن اغلب الظن ان ما يتغير هو طريقة رؤيتنا للاشياء ... لماذا تكتسى جدران تلك المنازل بتلك المسحة الحزينة رغم اننى منذ ساعات كنت اراها ملئية بالبهجة و السرور ... لا ادرى ان كانت تلك الاركان تشاركنا مشاعرنا ام اننا نحن من نفرض عليها فرحنا و حزننا رغما عنها ... المح طيفا يمر بجوارى ... التفت لكى انادى عليه ... المح بين يديه علبة كبيرة تلمع تحت انوار اعمدة الاضاءة ... لا ادرى لماذا احسست اننى ارى نفسى منذ ساعات قليلة ... لا ادرى ان كانت نفس تلك الاركان التى تشاطرنى حزنى الان تشاركه افراحه و اماله فى نفس اللحظة ... ارتعش مع ذلك الهواء البارد الذى اخذ يتزايد مع بعض قطرات المطر التى بدأت فى التساقط ... اعدل من وضع المعطف و ادفع بيدي للاحتماء داخل جيوب المعطف لترتطم بشئ ما ... التقط هذا الشئ لاخرجه من جيبي ... ترتسم على وجهي ابتسامة ... ابتسامة بمذاق بائس و مؤلم و انا انظر الى تلك العلبة التى استقر بداخلها ذلك الخاتم الذهبى الذى كان من المفترض ان يرمز الى شئ ما ... اغمض عينى مع هبوب المزيد من الهواء البارد ..." ارى شخصا لا اعرفه ينادى على و هو فى طريق عودته ... استمر فى المسير دون الالتفات لصيحاته ... يتعالى صوته و انا استمر فى المسير ..." افتح عينى ... اتلفت حولى لاجدنى وحيدا فى ذلك الشارع الطويل ... و لكننى انا الان من يسير فى طريق العودة ... هل يعقل ان ذلك الشخص قد صادفنى اثناء ذهابى ... و لكن هل كان يعلم اننى سوف اصادف هذه النهاية و اننى سوف اعود من حيث اتيت ... اواصل مسيرى فى هذا الطريق الذى بدا و انه سوف يطول الى ما لا نهاية ... و لكن لكل شئ نهاية حتى الحياة بكل ما تحمل لنا سوف تنتهى فى يوم من الايام ... يعبر من جوارى ... انادى عليه و لكنه لا يتوقف ... اركض نحوه ... اجذبه من كتفه ... ينظر الى باستغراب قبل ان اقول له :
ـ بامكانك العودة من هنا
يحرر نفسه من قبضتى و يمد يديه ليلتقط تلك العلبة الصغيرة التى سقطت منه عند جذبى له ... يفتحها ليطمئن على ذلك الخاتم الذهبى الذى بدا شبيها لذلك الخاتم الذى احمله و يستمر فى المسير ... اتابع مسيرى لاجدنى قد وصلت الى نهاية طريق العودة بعد ان وصلت منذ ساعات الى نهاية طريق الذهاب

تمت بحمد الله

١ يونيو ٢٠١٠

0 التعليقات: