رسالة


رسالة

1

استقيظ مبكرا كعادتى كل يوم حتى استطيع اللحاق بميعاد العمل ..... افتح باب الشقة التى اسكنها لتمتد يدى لتسحب الصحف التى اوصى بواب العمارة ان يحضرها يوميا ..... تمت يدى الى فنجان القهوة المستقر على الطاولة امامى فى نفس الوقت الذى اعبث بيدى الاخرى مقلبا صفحات الجريدة التى امامى فى محاولة سريعة لمعرفة العنوانين الرئيسية للاخبار قبل ان يسقط شى على الارض ..... تمتد يدى لتتناول هذا المظروف السميك من على الارض لاتفحص فيه قليلا قبل ان افتحه

2

" عزيزى اعذرنى لانى لم استطع الرد على خطاباتك السابقة ..... لكن قبل ان تتهمنى بالخيانة ..... اريدك ان تعلم اننى لم اقصر فى حبى لك ..... ولكنه القدر يتلاعب بنا كما يشاء ..... عندما يصل اليك خطابى هذا قد اكون انا خارج هذه الدنيا ..... قد نلتقى مرة اخرى و لكن فى الجنة ان اراد الله ان يجمعنا سويا فيها ..... اعذرنى لانه عليا الذهاب الان فالطبيب يقول بانه قد حان موعد اجراء الجراحة ..... لقد اخبر والدى اننى اذا لم اجرى هذه الجراحة فسوف اموت خلال يومين على الاكثر حتى ان اجريت هذه الجراحة فلن اصمد اكثر من اسبوعين ..... لقد ارسلت لك صورتى كى تتذكرنى بها دائما اذا لم نلتقى مرة اخرى ..... اتعلم كم كنت اتمنى ان تكون بجوارى الان و لكنه القدر ..... مع حبى ..... "

3

انظر الى تلك الصورة مرة اخرى قبل ان انظر فى ساعتى لاجدها قد تجاوزت الثامنة و النصف لاسارع فى التقاط اوراقى المبعثرة على الطاولة لامضى فى رحلتى المعتادة الى العمل.

4

استقر على مقعد سيارة الاجرة التى بدات فى التحرك مصدرة ضوضاء شديدة تزامنت مع الشكاوى المعتادة من السائقين حول الاسعار وغيرها و لكنى و لاول مرة اجدنى غير مهتم بشكواهم التى كنت اجدها وسيلة التسلية الوحيدة المتوفرة لكى تشغلنى عن الطريق الطويل الذى اسلكها يوميا الى العمل لان عقلى و كل حواسى كانت اليوم مشغولة بامر اخر اكثر اهمية.اطالع الصورة مرة اخرى قبل ان تصدر عنى تنهيدة خافتة ..... فمازال عقلى رافضا لفكرة ان ملاك مثل الذى فى الصورة التى فى يدي سوف يموت خلال ايام ..... اجدنى انظر مرة اخرى فى الصورة قبل ان تاسرنى تلك الخصلات الشقراء من شعرها التى انسابت فى رقة و هدوء على وجهها الجميل فى لحظة بدت فيها فى قمة التناسق مع عيونها الزرقاء قبل ان استيقظ من حالتى هذه على صوت السائق فى احدى فقرات السباب مع سائقى السيارات الاخرى ..... امد يدى الى جيبى باحثا عن المظروف التى وصلت فيه تلك الرسالة لاتاكد مرة اخرى من العنوان المكتوب عليه لاجده نفس العنوان الذى اسكن فيه ولكنى لست انا ذلك الشخص الذى من المفترض ان يصله هذا الخطاب ..... بالتاكيد فانا لم اعرف امراة فى حياتى بهذا الجمال ..... لا ادرى بما احسست فى هذه اللحظة ..... هل احسد هذا الشخص على ان تبادله امراة بهذا الجمال الحب ام اشعر بالشفقة لانه سوف يفارقها خلال ايام ..... لا ادرى و لكن ربما تكون هذه الرسالة لذلك الشخص للذى كان يسكن هذه الشقة قبلى ..... تمتد يدى فى حركة لا ارادية الى جيبى لانتاول هاتفى و ابحث عن رقم ذلك البواب الذى بدا وكانه فى انتظار مكالمتى هذه

- هل تعرف ذلك الشخص الذى كان يسكن فى هذه الشقة قبل مجيئى ؟

ـ هل تعرف اسمه او الى اين ذهب ؟

لم استطع معرفة الكثير عن هوية ذلك الشخص سوى انه كان قد استأجر هذه الشقة و قام بتجهيزها ليسكنها هو و عروسه ..... ترى هل تكونين انت المقصودة ..... لا ادرى ماذا افعل الان و لكن الاكيد اننى يجب ان اسلم هذا الخطاب الى الشخص الصحيح و لكنى لا اعرف حتى اسمه

5

استقيظ مبكرا كعادتى كل يوم ..... افتح باب الشقة التى اسكنها لتمتد يدى لتسحب الصحف ..... تمتد يدى الى فنجان القهوة المستقر على الطاولة امامى فى نفس الوقت الذى اعبث بيدى الاخرى مقلبا صفحات الجريدة ..... لقد مر الان قرابة الشهر و انا ابحث عن صاحب تلك الرسالة و حتى الان لم اعثر على اى شى يقودنى اليه ..... لا ادرى اذا كانت تلك المسكينة قد اجرت تلك الجراحة ام لا ..... هل ماتت او مازالت حية .

التقط اوراقى من على الطاولة لامضى فى رحلتى المعتادة الى العمل و لكن قبل ان اذهب تمتد يدى الى الطاولة لتتناول صورة تلك الجميلة لانظر اليها للمرة الالف منذ ان وصلتنى تلك الرسالة و انا اقول:

" أتعلمين اننى فى كثير من الاحيان اشك فى انك قد وصلتى الى عن طريق الخطأ ..... اشك فى انك قد وصلتى الى يدى عمدا لتقولى شئ ما ..... و لكنى لا اعلم ما هو "

اضع الصورة فى جيبى قبل ان اغلق الباب خلفى منطلقا فى رحلتى المملة الى العمل و لكنى الان قد وجدت منى يشاركنى الطريق حتى و إن كانت مجرد صورة

تمت بحمد الله

0 التعليقات: