الدائرة

الدائرة

على الهامش : جميعنا نمارس نفس اللعبة ... و ان اختلفت الادوار و الاسماء

(1)
يرتفع صوت هاتفى معلنا عن وصول رسالة جديدة ... انظر الى الساعة التى لم تتجاوز الثامنة صباحاً ... تمتد يدى لتلقط الهاتف من على الطاولة قبل ان أقرأ تلك الرسالة ... " أسعد الله صباحك " ... انظر الى اسم مرسل الرسالة و ان كنت اتوقعه منذ البداية ... انه انتِ كعادتك كل صباح ... نفس الرسالة فى نفس الموعد تقريبا ... اضغط على ازرار الهاتف لاكتب اليكِ رسالة جديدة ... " أسعد الله صباحكِ " ... اضيف رقمك و ارسل الرسالة ... نفس الرسالة فى نفس الموعد تقريباً.
(2)
يرتفع مجددا صوت الهاتف معلنا عن وصول رسالة اخرى ... دائما ما تحمل رسائلك اكثر من معنى ... تريدين ان تقولى ما بداخلك و لكنك تصرين على عدم ارتكاب المصارحة معى ... ربما تصرين على هذا عمدا او خجلا او خوفا او ربما لسبب اخر لا اعرفه ... اضغط على ازرار الهاتف لكى اكتب رسالة جديدة ... دائما ما تحمل رسائلى اكثر من معنى ... و لكنى اعرف اى معنى اقصد ... و اعرف لماذا اصر على عدم ارتكاب المصارحة معك ... اصر على ذلك عمداً ... اضيف رقمكِ و ارسل الرسالة.
(3)
الان اصبحت اعرف الوقت من خلال رسائلك التى على ما يبدو تصرين على الحفاظ على اوقات استلامى لها ... لا ادرى اذا كنت تعرفين على وجه الدقة طريقتى فى ممارسة طقوسى اليومية ام ان كل هذا فقط بمحض الصدف ... أقرأ رسالتك ... تتحرك اصابعى على ازرار الهاتف لاكتب لكِ رسالة جديدة لكى تصلك فى الموعد المحدد ... نعم انا اعرف عنك كل شئ ... اعرف اكثر مما تتوقعين ... اعرف الكثير الذى يجعلنى اعرف ما الذى تفعلينه الان و ما هى محطتك التالية ... اعرف الكثير الذى يجعلنى قادر على اختيار اوقات ارسال رسائلى بدقة بالغة لكى تعلمى اننى اعيش معك يومك لحظة بلحظة ... اضيف رقمك و ارسل الرسالة لتصلك فى الوقت الذى اريده مثل كل يوم.
(4)
انتظر رسالتك التالية و التى دائما ما تكون الاخيرة لليوم و التى دائما ما تأتينى قبل ان اذهب الى النوم ... يرتفع صوت الهاتف للمرة الاخيرة لهذا اليوم مع دقات الحادية عشر ... " احلاماً سعيدة " ... اعاود قراءة رسائلك لهذا اليوم قبل ان اجمعها و اضعها فى ملف واحد يحمل اسمك ... " أحلاماً سعيدة " ... اكتب الرسالة و ارسلها اليكِ ... ارسلها لكى تصلك فى تمام الحادية عشر و النصف ... فى الوقت الذى تضعين فيه رأسك على الوسادة لتحصلى على بعض الراحة ... اعاود قراءة رسائلى اليك هذا اليوم قبل ان اجمعها فى ملف واحد تزين بأسمك ... لا ادرى لماذا تبدو رسائلك الى مشابه لتلك الرسائل التى ارسلها انا اليها ... يبدو اننا جميعا نمارس ادوارنا باتقان داخل هذه الدائرة ... الان يجب ان احصل على قسط من الراحة لكى استعد لجولة جديدة من رسائلك الى و رسائلى اليها ... لذلك احلاماً سعيدة لكل منكما.
تمت بحمد الله تعالى
الخامس من مايو 2011

اللعبة


اللـــعـــبــــــــــة
على الهامش : نعم ... لازلت احبك و لكن بعض الحب مكانه قصاصات الذكريات ... يبقى لاننا لا نستطيع ان نمحوه من ذكراتنا ... يبقى دائما ليذكرنى باجمل امراة قد عشقتها ذات يوم.
(1)
" الحب الاحادى هو انبل انواع الحب و افضلها على الاطلاق ... لانه حب بدون غاية ... حب حكم عليها غيابيا بالاعدام دون ان يحظى بمحاكمة عادلة ... حب يبقى عالقا داخلنا طوال ايام حياتنا ... و لكنه فى نفس الوقت اكثر انواع الحب ايلاما ... لا اعلم لماذا اجد ذاتى فى هذا النوع من الحب ... هل لاننا انساق اليه رغما عنى فاجد نفسى مجبرا على التعايش معه ... ام لاننى حتى الان لم اجرب اى نوع من انواع الحب غير هذا النوع ... و لكن رغم ذلك لا انكر انه له شاعرية خاصة جدا ربما تنبع هى الاخرى من مأساويته ... جميل ان يتسع قلبك ليحتوى صور لاشخاص ظننت يوما انهم هم من يستحقوا هذا الحب حتى اتضح العكس ... و لكن من هو السبب ... هل هم لانهم لم يستطيعوا ان يحسوا بمقدار الحب الذى تحمله لهم ... ام انا لانك لم تستطيع ان تعبر لهم بالطريقة المثلى عن مقدار ذلك الحب ... و لكن ما هى الطريقة المثلى؟ ... لا اعرف.
(2)
لا ادرى لما احسست بشئ تجاهك منذ المرة الاولى التى رأيتك فيها ... لا ادرى لماذا عشقت عيونك المائلة الى الزرقة ... لا ادرى لماذا عشقت شعرك الاشقر و ان كنت لم اراه و لكنه يجب ان يكون اشقر لتكتمل روعة اللوحة... اى لون اخر سوف يكون بقعة تخرب جمال اللوحة ... ربما كانت تلك الطفولة البرئية فى ملامحك هى السبب الاكبر فى عشقى لك ... و لما لا فانتى بالفعل طفلة رغبت يوما ان تكون طفلتى ... رغبت ان تكبرى بين ذراعى و بجوارى ... رغبت ان اضيف بعض البهجة الى لوحتى بحضورك ... فكرت فى انك تستطيعين ادخال الكثير من الالوان المبهجة الى لوحة يكسوها اللون الاسود و الرمادى ... لوحة تركت فيها مساحة بيضاء لتتسع لحضورك ... مساحة اصبحت سوداء لاننى لا اريد امراة غيرك لتسكن بداخلها ... لماذا انجذبت اليك ؟... لا اعرف.
(3)
ربما كانت اروع لحظات قصتى معك هى تلك التى اجلس فى المساء استمع الى احد ممن يعرفونك لعله يميل بالحديث تجاهك فاعرف عنك المزيد ... و لكن حتى المزيد لم بكن كافى بالنسبة لكِ ... لقد عرفت عنك الكثير و جهلت عنك الاكثر ... عرفت كم تحبين السهر ليلا ... عرفت كيف تمارسين طفولتك بمشاهدة افلام الرسوم المتحركة ... عرفت ان تكرهين الاستيقاظ مبكرا ... عرفت كيف كنت تتركين انوار غرفتك مضأة حتى الفجر و انت تجلسين امام كتبك ... عرفت الكثير و لكن لا ادرى لماذا لم الاحظ مدى التناقض بيننا الا الان ... لا ادرى لما لم الاحظ اننا نمارس طقوسنا بشكل معكوس ... اذهب الى النوم فى الوقت الذى تستعدين فيه لبدأ يومك ... و تنامين فى اوقات يقظتى ... كانما القدر كان يحاول ان يخبرنا اننا لن نستطيع ان نكون معنا ... و ربما كان ذلك يجعلنى اعشقك اكثر ... و ربما لاننى فقط اردت ان احبك ... لا اعرف.
(4)
تصوب فوهة المسدس و تضغط على الزناد و ينتهى كل شئ ... ينتهى فى اقل من ثانية ... هكذا كان لعبتنا او هكذا اخترت انا ان العبها ... لعبتها بطريقتى المفضلة و المحببة ... لعبة الفرصة الواحدة ... تصوب و تضغط على الزناد ... فى اقل من ثانية تربح كل شئ او تخسر كل شئ ... ثانية واحدة حيث لا يوجد وقت للمساوامة ... حيث لا يوجد مكان للتنازلات ... فقط ثانية و ينتهى كل شئ ... ربما لم اعرف عنك ما يكفى ... ربما لم اعبر لك بالطريقة المثلى التى تفضلينها ... ربما كنت متحفظا اكثر مما ينبغى بالنسبة لاعتبارات اخرى ... و ربما اخطئت فى اختيارك انت ... و ربما كان شئ اخرى ... لا اعرف.
(5)
نعم ... لازلت احبك ... و لكن كل الفرص استنفذت ... و وجود فرصة ثانية يكاد يكون فى حكم الاستحالة ... فالطلقة الاولى تظل هى الاصعب و بعدها يعرف كل منا الاخر ... و يعرف كل منا ماذا يريد من الاخر و ماذا يريده منه الاخر ... لتنكشف كل الاوراق التى نحاول اخفائها ... لا زلت احبك ... و لكن انا قد انتهيت دورى فى تحريك قطعى على رقعة الشطرنج التى تجمعنا سويا ... و انا الان فى انتظار دورك فى اللعب ... فى انتظار احدى حركتين لم تعد احداهما تمثل مفاجاة بالنسبة لى ... اما ان ننهى اللعبة بفوز احدانا و ان كنا لا نعلم من منا سوف يكون هو الفائز ... او ان نصل الى التعادل لنبدأ جولة جديدة من اللعب .

لعبة الاحتمالات


لعبة الاحتمالات
تتشابك بداخلى المشاعر ... احاسيس متضاربة تتقاتل من اجل حجز مكان بداخلى ... تتحارب من اجل ان تعبر عن نفسها على ملامحى ... بداخلى احساس بالحزن الممتزج بالفرح ... احساس بالكأبة المختلطة بالفخر ... لا ادرى ان كان ذلك حقيقة ما اشعر به ام انها واحدة من تلك الخدع الكلاسيكية التى قد يلجأ اليها العقل البشرى فى محاولة من حدة الامور التى يعتقد انها قد تتسبب فى صدمة لنا.
الحب و الحرب كلاهما معركة ... و دائما الفائز يبقى خاسرا فى النهاية ... فى الحرب يتحقق النصر فوق جثث و احلام الجنود ... و فى الحب تدور المعركة فوق قلوب و امانى العزل ... السلام مفهوم منقوص غير مكتمل ... السلام هو الطف و اعظم الاسماء التى قد نطلقها على معركة خسرها الطرفين ... معركة لم يكن احداهما بالقوة اللازمة ليربحها.
الحب هو اكبر لعبة من العاب المقامرة و الوهم التى عرفها الانسان فى يوم من الايام ... لعبة الاحتمالات ... تحب شخص لا يحبك ... يحبك شخص لا تحبه ... و تبدأ عجلة الروليت فى الدوران ... و تبدأ احجار النرد فى التراقص على الطاولة ... تبدأ لعبة طويلة من الاحتمالات قد تنتهى بحصولنا على نتيجة و قد تستمر اللعبة الى ما لا نهاية ... نضع الرهان و تتعلق اعيننا بعجلة الروليت و احجار النرد ... لا نفكر عندما نضع رهاناتنا و لكننا غالبا ما نخضع رهاناتنا لعواطفنا و اهوائنا و التى غالبا لا تتماشى مع اهواء الاخرين.
تبدأ اللعبة ... و تبدأ معها حلقة من الرهانات الخاسرة و الاحتمالات الخاطئة ... شخص واحد يخرج فائزا من اللعبة و يترك الكثيرين ورائه ليندبوا حظهم و سوء رهاناتهم ... و لكنهم فى الحقيقة يندبون رهانات غيرهم حتى و ان لم يعلموا.
اسوء الرهانات هى الرهانات الخاسرة ... و لكن الاسوء هو اننا على استعداد ان نراهن على نفس الاشخاص مرات و مرات متعاقبة على امل ان يتغير حظنا فى كل مرة ... و فى مقابل خيبة امل جديدة كل مرة ... و فى كل مرة نبحث عن اعذار واهية نبرر بها فشلنا .. لا ندرى اذا كنا نفعل هذا لنحسن صورتنا امام انفسنا – على الاغلب – ام امام الاخرين.
تختلط المشاعر بداخلى ... بقدر سعادتى بقدرتى على المصارحة ...بقدر حزنى على ضياع الفرصة من بين يدى ... بقدر فخرى بارتكاب فعل المصارحة ... اجدنى فى غاية الكأبة لضياع كل فرصى معكى ... لقد مرت قرابة الشهرين و انا استحضر كلماتك تلك ... قرابة الشهرين و انا احاول ان اتذكر كم كانت قاسية كلماتك ... شهرين و صورتك تقفز كل يوم و كل ساعة فوق كل ما احاول ان انساك به ... شهرين و انا اطلع وجوه النساء لاخرجك من داخلى و من داخل قلبى و عقلى لاجدنى ابحث عنكى بينهن ... ابحث عن عينيك الزرقاوتين فى عيونهن ... ابحث عن شعرك الاشقر بين خصلات شعورهن ... ابحث عنكى بلا جدوى ... شهرين و انا لا استطيع ان اتخيل امراة غيرك ... فانت من اسس مفاهيم الجمال بداخلى ... انت من علمتنى كيف تصبح المراة لوحة رائعة تستحق ان تعلق على جدران المتاحف ... انت من علمتنى ان الجمال يستحق ان نسافر خلفه مئات الاميال حتى نستمتع به للحظات ... انت من اعادة الى احترام المهوسين بالفنون و علمتنى انهم ليسوا مجانين فى ذلك ... فانا الان اكبر مهوس بكِ ... احاول لانسى فتتسللى خفية الى احلامى ... احاول ان اتماسك و لكن لا ادرى الى متى استطيع الصمود ... لا ادرى ماذا سافعل عندما القاك المرة القادمة ... و لكننى اعلم اننى لست من هولاء الذين يراهننون على نفس الرقم مرتين ... و اعلم ايضا اننى سوف ادخل مرة اخرى فى حالة من الاحاسيس المتشابكة ... حيث يختلط بداخلى احساس بالحزن الممتزج بالفرح ... احساس بالكأبة المختلطة بالفخر ... و لكن هذا الحين سوف اظل احاول ان انساك ... ان اغير مفاهيم الجمال التى رسمها وجههك الجميل بداخلى.
سبق و ان اخبرت انه يبقى ايمان بداخلى اننى قد تغيرت من اجلك انتِ ... و لكن ينبت بداخلى يقين جديد باننى اتغير من خلالك انت ... اتغير و يبقى بداخل عقلى و قلبى صورة و ايمان ... صورة شعرك الاشقر و عيونك الزرقاء و ابتسامة خلابة تأسر كل من ينظر اليك ... و ايمان بانك اجمل امراة احببتها و عشقتها ذات يوم.
تمت بحمد الله تعالى
29 ابريل 2011